هشاشة العظام: الأسباب والعلاج

هشاشة العظام: الأسباب، الأعراض، الوقاية والعلاج

مقدمة

تعد هشاشة العظام من أكثر الأمراض شيوعاً في العالم، خاصة بين كبار السن، وهي حالة تؤدي إلى ضعف العظام وزيادة قابليتها للكسر. لا تتوقف مشكلة هشاشة العظام على كبار السن فقط، بل يمكن أن تؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، خاصة أولئك الذين يعانون من نقص في التغذية السليمة أو الذين يتعرضون لعوامل وراثية معينة. على الرغم من أن هشاشة العظام لا تسبب أعراضاً ملحوظة في البداية، إلا أنها تشكل خطراً كبيراً على الصحة العامة، خصوصاً عند حدوث الكسور التي يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة.

في هذا المقال، سنستعرض كل ما يتعلق بهشاشة العظام من أسباب وأعراض وطرق الوقاية والعلاج المتاحة. سنبدأ بتوضيح آلية حدوث هشاشة العظام، ثم ننتقل إلى شرح العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بها، ونتناول أحدث الأساليب في الوقاية والعلاج.

تعريف هشاشة العظام

هشاشة العظام هي حالة مرضية تتمثل في ضعف العظام وتناقص كثافتها المعدنية، مما يجعلها أكثر عرضة للكسر. تتسبب هشاشة العظام في تدهور البنية الهيكلية للعظام، بحيث تصبح العظام أقل صلابة وأكثر هشاشة. يحدث ذلك نتيجة لتغيرات في توازن بناء العظام وهدمها، حيث تصبح عملية إعادة بناء العظام أبطأ من عملية تكسير العظام.

من أهم العوامل التي تؤثر على صحة العظام هي كمية الكالسيوم والفيتامين D التي يحصل عليها الجسم، بالإضافة إلى النشاط البدني المنتظم، خاصة تمارين تقوية العظام مثل رفع الأثقال والمشي.

أسباب هشاشة العظام

1. التقدم في السن: مع التقدم في العمر، تصبح العظام أقل كثافة ويقل مستوى الكولاجين الذي يساعد على تعزيز قوتها. تتأثر النساء بشكل أكبر بهذا التغير بعد انقطاع الطمث نتيجة لانخفاض مستويات هرمون الإستروجين، الذي يلعب دوراً مهماً في الحفاظ على كثافة العظام.

2. العوامل الوراثية: قد يكون هناك ميل وراثي للإصابة بهشاشة العظام. إذا كان أحد الوالدين قد تعرض لكسر نتيجة هشاشة العظام، فإن فرصة الإصابة بها تزداد.

3. قلة النشاط البدني: التمارين الرياضية التي تشمل الحركة والوزن تساهم بشكل كبير في الحفاظ على كثافة العظام. قلة النشاط البدني، خصوصاً التمارين التي تشمل الوزن، يمكن أن تؤدي إلى ضعف العظام.

4. نقص الكالسيوم وفيتامين D: الكالسيوم هو العنصر الأساسي لبناء العظام، بينما يساعد فيتامين D على امتصاص الكالسيوم. نقص أي منهما يؤدي إلى هشاشة العظام.

5. الأدوية والعلاج: بعض الأدوية، مثل الستيرويدات والعلاج الكيميائي، يمكن أن تؤدي إلى هشاشة العظام. هذه الأدوية تساهم في تقليل قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم أو تعزيز إعادة بناء العظام.

6. الأمراض المزمنة: بعض الأمراض مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، اضطرابات الغدة الدرقية، وداء السكري من النوع الثاني يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام. علاوة على ذلك، قد تؤدي بعض الأمراض الهضمية، مثل مرض السيلياك أو الداء الالتهابي المعوي، إلى سوء امتصاص العناصر الغذائية الضرورية لصحة العظام.

7. العوامل الأخرى: هناك عوامل أخرى يمكن أن تسهم في الإصابة بهشاشة العظام مثل التدخين، شرب الكحول بشكل مفرط، أو النظام الغذائي السيئ الذي يفتقر إلى الفواكه والخضروات والأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية.

أعراض هشاشة العظام

في المراحل الأولى من هشاشة العظام، غالباً ما تكون الأعراض غير ملحوظة. قد لا يشعر المريض بأي أعراض حتى يحدث كسر في العظام. ومع ذلك، يمكن أن تظهر بعض الأعراض مع تقدم المرض، مثل:

• الآلام العظمية: قد يعاني المصابون من آلام أو شعور بالانزعاج في العظام والمفاصل، خصوصاً في أسفل الظهر أو الوركين.

• الكسور المتكررة: حتى الكسور البسيطة أو الناتجة عن حوادث طفيفة قد تكون مؤشراً على هشاشة العظام. يمكن أن تكون الكسور في منطقة العمود الفقري أو الورك أو الرسغ.

• انحناء العمود الفقري: مع تدهور العظام، قد يحدث انحناء في العمود الفقري أو ما يعرف بـ “حدب الظهر”، وهو زيادة في انحناء الظهر العلوي.

• فقدان الطول: قد يلاحظ الأشخاص المصابون بهشاشة العظام فقدان الطول مع مرور الوقت بسبب الكسور التي تحدث في الفقرات.

تشخيص هشاشة العظام

يتم تشخيص هشاشة العظام عادةً من خلال فحص كثافة العظام. أكثر الفحوصات شيوعاً في هذا الصدد هو فحص كثافة العظام باستخدام جهاز DEXA (التصوير باستخدام الأشعة السينية ذات الطاقة المزدوجة). هذا الفحص يقيس كثافة العظام في مناطق معينة من الجسم، مثل الفخذ والعمود الفقري، ويساعد في تحديد مدى فقدان الكثافة العظمية.

الوقاية من هشاشة العظام

تتضمن الوقاية من هشاشة العظام العديد من العوامل التي يمكن التحكم فيها، مثل النظام الغذائي، التمارين الرياضية، والعادات الصحية اليومية:

1. تناول كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين D: من الضروري تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم مثل منتجات الألبان، الخضروات الورقية الخضراء، والأسماك الدهنية. فيتامين D يمكن الحصول عليه من التعرض المعتدل لأشعة الشمس أو من الأطعمة المدعمة مثل الحليب والعصائر.

2. ممارسة التمارين الرياضية: تساعد التمارين التي تقوي العظام، مثل المشي، الركض، ورفع الأثقال، على زيادة كثافة العظام. يُنصح بممارسة الرياضة بانتظام للحفاظ على صحة العظام.

3. الإقلاع عن التدخين: يعد التدخين أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في ضعف العظام. يعمل التبغ على تقليل قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم.

4. الحد من استهلاك الكحول: تناول الكحول بشكل مفرط يمكن أن يضعف العظام ويزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام.

5. الحفاظ على وزن صحي: الوزن الزائد يمكن أن يضع ضغطاً إضافياً على العظام، بينما الوزن المنخفض جداً يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام.

6. الفحوصات الطبية المنتظمة: من المهم إجراء فحوصات طبية بشكل منتظم للكشف المبكر عن هشاشة العظام، خاصة بالنسبة للأشخاص المعرضين للخطر مثل كبار السن.

علاج هشاشة العظام

على الرغم من أنه لا يمكن علاج هشاشة العظام بشكل نهائي، فإن هناك العديد من العلاجات التي يمكن أن تساعد في إبطاء تقدم المرض وتقليل خطر الكسور:

1. الأدوية: تشمل الأدوية المستخدمة لعلاج هشاشة العظام:

   • البايفوسفونيتات: وهي الأدوية الأكثر شيوعاً لزيادة كثافة العظام. تعمل هذه الأدوية على تقليل التكسير العظمي.

   • الهرمونات: يمكن أن تساعد هرمونات الإستروجين أو العلاج بالهرمونات الأخرى في الحفاظ على صحة العظام، خصوصاً عند النساء بعد انقطاع الطمث.

   • مكملات الكالسيوم وفيتامين D: قد يحتاج المصابون بهشاشة العظام إلى مكملات لضمان الحصول على الكميات المناسبة من الكالسيوم وفيتامين D.

2. العلاج الطبيعي: يمكن أن يساعد العلاج الطبيعي على تقوية العضلات المحيطة بالعظام، مما يقلل من خطر الإصابة بالكسور. يمكن أن تتضمن التمارين تمارين التوازن والمرونة لتقليل خطر السقوط.

3. الجراحة: في حالات معينة، قد تكون الجراحة ضرورية لعلاج الكسور الناتجة عن هشاشة العظام أو لتثبيت العظام المتكسرة باستخدام الأجهزة الطبية.

الخاتمة

تعد هشاشة العظام من الأمراض التي تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة، خاصة في مراحلها المتقدمة. من خلال الوقاية المناسبة واتباع أسلوب حياة صحي، يمكن تقليل خطر الإصابة بهشاشة العظام والحد من تأثيراتها السلبية. يشمل ذلك النظام الغذائي المتوازن، ممارسة الرياضة بانتظام، والتوقف عن العادات السلبية مثل التدخين والإفراط في تناول الكحول. علاوة على ذلك، تعتبر الفحوصات الطبية المنتظمة والتشخيص المبكر عوامل حاسمة في الوقاية والعلاج من هشاشة العظام.